أي إعلان تجاري أو وسيط مرخص يتمتع بالنزاهة سوف يبلغك منذ اللحظة الأولى أن الفوركس هو تجارة محفوفة بالمخاطرة. ستواجه مخاطر في كل صفقة تفتحها، وحتى برغم أنها مخاطرة محسوبة، ولكن في ظل عدم وجود شيء يقيني في حياتنا، لن يكون الفوركس أبداً طريقة سهلة لكسب لقمة العيش. ربما سمعت بعض الأشخاص وهم يصفون المستثمرون بأنهم مجرد مقامرين. واقع الأمر أن العديد منهم كذلك، والقليل هو من يمكن أن نطلق عليه فعلا صفة المستثمر، ولحسن الحظ فإن هذه القلة هي التي تحقق النجاح. الفرق بين المقامر والمستثمر الحقيقي هو إدارة المخاطر.
هناك ثلاثة مكونات لإدارة المخاطر في الفوركس: إدارة رأس المال وطريقة التداول والجانب السيكولوجي. لا توجد طريقة تداول يمكنها أن تتجنب التحركات العشوائية المفاجئة في السوق، كما لا يوجد نظام يضمن تحقيق نتائج معينة. وبرغم كل هذه النقائص، لا غنى عن اتباع طريقة معينة بعد اختبارها لفترة كافية والتأكد من كفاءتها قبل تطبيقها على التداول بأموال حقيقية. هذا النهج يعني الابتعاد عن فتح الصفقات بطريقة عشوائية. النقطة الأخرى الهامة هي أنك لست بحاجة فقط إلى اختبار نظامك، بل ستحتاج أيضاً إلى اختبار نفسك.
كيف يمكنك التعامل مع المخاطر في سوق الفوركس؟ لا توجد إجابة قاطعة على هذا السؤال، كما لا يوجد نهج واحد للتعامل مع مخاطر الفوركس أو أي مجال أخر، ببساطة لان كل شخص يختلف عن الأخر. معظم الناس يميلون إلى طرفي النقيض، الحذر المفرط أو التهور. قبل أن تبدأ التداول بأموال حقيقية يجب أن تكتشف الجانب الذي تميل اليه بشكل فطري — الحذر أم التهور. لا توجد صعوبة في شرح أن التداول بشكل متهور قادر على تصفية حسابك في لحظات قليلة؛ ولكن الحذر المفرط هو أيضاً طريقة مدمرة لمستقبلك كمتداول. التداول بحذر دون مبررات منطقية سوف يدفعك إلى الخروج من الصفقات الجيدة مبكرا (أو حتى عدم فتحها على الإطلاق) في الوقت الذي ستظل تعاني فيه من الخسائر بشكل مستمر.
سواء كنت تميل إلى التداول بشكل مكثف والخروج متأخراً من الصفقات، أو نادراً ما تتداول مع الخروج في وقت مبكر للغاية، فإن الفشل في كلا الحالتين يرتبط بعدم الثقة في المنهجية التي تتبعها. إذا كانت عدم الثقة ترجع إلى عدم اختبار النظام بشكل كافي، عندها يتعين عليك العودة إلى الحساب التجريبي حتى تكتسب الثقة الكافية. أما إذا كنت قد اختبرت نظام التداول بالفعل وتأكدت من تحقيقه لنتائج جيدة، عندها يجب أن تتدبر في السبب الذي يدفعك إلى عدم الثقة في النظام. من الوارد أيضاً ألا يكون الأمر مرتبطا بنظام الفوركس الذي طورته على الإطلاق — فقد تكون معرضاً باستمرار لهذه الأنماط السلوكية في أنشطتك الحياتية الأخرى. في هذه الحالة أنت بحاجة لضبط انفعالاتك لصقل الجانب السيكولوجي في تداول الفوركس.
وأخيرا، يجب الانتباه إلى أن إدارة المخاطرة تنطوي في جوهرها على إدارة رأس المال. يجب ألا تخاطر سوى بنسبة محدودة للغاية من رصيد الحساب في أي صفقة. معظم المتداولين الناجحين لا يخاطرون بأكثر من 2.5% من حساباتهم في الصفقة الواحدة. وحتى إذا كنت ترغب في تكبير الصفقة من خلال إضافة عدد من العقود عندما يسير السوق في صالحك، يجب أيضاً أن تقوم بإعداد طريقة منهجية لإجراء هذه الخطوات بشكل منضبط.
ربما قرأت أو سمعت هنا أو هناك أنك بحاجة لتعلم كيفية تداول الفوركس بدون ضغوط عاطفية. وبرغم أنك قد تتمكن من ضبط مشاعرك إلى درجة ما، فإن الواقع يكشف أننا جميعا قد نندفع بشكل لا شعوري إلى المخاطرة مراراً وتكراراً دون مبررات منطقية أثناء تداول الفوركس. الحل الوحيد هو تعلم كيفية دمج هذه المشاعر في نظام التداول أو الابتعاد بالتداول برمته عن هذه الضغوط العاطفية — يتوقف الاختيار على طبيعة كل شخص. الطريقة الوحيدة لتحديد الخيار الأمثل هو دراسة نفسك، وليس دراسة السوق وحده.